مبادرة تاريخنا تطلق هاتشاج #بقلم_ابنائهم والدكتورة رشا عبد الفتاح الديدي تكتب السيرة الذاتيه لأبيها.التنوير_eltanwer

#بقلم_أبنائهم
بقلم أ. د. رشا عبد الفتاح الديدي
رئيس قسم علم النفس بآداب عين شمس

الدكتور عبد الفتاح الديدي
شخصية اليوم هو الدكتور عبد الفتاح الديدى إبن مدينة السويس الباسلة. ولد في الثامن من مايو عام 1926 وتوفي في الرابع والعشرين من رمضان 1419هجريا الموافق 12يناير 1999 عن عمر يناهز الثانية والسبعين.
حصل الدكتور” الديدي “علي ليسانس الآداب في الفلسفة من جامعة فؤاد الأول ( القاهرة حالياً) سنة 1949 ثم سافر إلى فرنسا عام 1952 وحتي 1956حيث حصل علي دبلوم دراسات العليا(منطق) بجامعة السوربون سنة 1953 ثم حصل علي شهادة” الأجرجاسيون” من جامعة السوربون بفرنسا (وهي رخصة تدريس الفلسفة بجامعة السوربون) سنة 1954 وانتقل “الديدي ” إلى ألمانيا من عام 1956 إلي عام 1958 للدراسة والعلم حيث قضي الدكتور عبد الفتاح الديدي بين الخمسينات والستينات من القرن نحوا من ست سنوات بين ألمانيا وفرنسا يدارس الفلسفة والمنطق،وكانت رحلته الطويلة الي الغرب بالاضافة الي ملازمته لأستاذه “العقاد” أهم أعمدة بنيانه الفكري حيث كان “الديدي”تلميذا من أقرب تلاميذ عباس محمود العقاد والذي كان عونا له علي اتقانه اللغتين الألمانية والفرنسية ،ناهيك عن تمكن “الديدي” من اللغة الانجليزية ،التي كان يتسيدها أستاذه العقاد ليعود “الديدي” إلي مصر عام1959 ويحصل علي ماجستير في المنطق من جامعة القاهرة 1967وكان موضوع الماجستير بعنوان ” النفسانية المنطقية عند جون استيوارت مل” بينما حصل علي الدكتوراه في “المنطق في مذهب برادلي” من جامعة القاهرة سنة 1971.
كانت حياة “الديدي” العلمية والعملية حافلة ولأنه كان تلميذا من أقرب تلاميذ عباس محمود العقاد فقد نشر حوله عدة كتب منها” النقد والجمال عند العقاد “،و”عبقرية العقاد” ،و”الفلسفة الاجتماعية عند العقاد”. وقد قام بالتدريس في العديد من جامعات ألمانية وفرنسا وكان أستاذا بجامعة وهران بالجزائر وكلك بجامعة الجزائر بالجزائر. كما قام بالتدريس بالجامعات المصرية و بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة والإسكندرية وكذلك انتدب للتدريس بكلية الآداب جامعة المنيا والإسكندرية وبكلية الفنون التطبيقية بالقاهرة وبجامعة الأزهر.
و له العديد من المؤلفات منها عبقرية العقاد والخيال الحركي والأسس المعنوية للأدب الاتجاهات المعاصرة في الفلسفة وفلسفة سارترو القضايا المعاصرة في الفلسفة وهيجل وفلسفة هيجل والنقد والجمال عند العقاد والفلسفة الاجتماعية عند العقاد. والنفسانية المنطقية عند جون استيوارت ميل وادبنا والاتجاهات العالمية والسلوك والإدراك عند بياجيه وفلسفة الجمال وعلم الجمال وعيسى والإسلام الحديث في نظر العقاد(مؤلف باللغة الألمانية1957) وينابيع الفكر المصري المعاصر، كما قام بترجمة العديد من الكتب مثل مسرحية “الجنوب” لجوليان جرين الترجمة العربية وأوعية الألم مجموعة قصصية وامرأة في الثلاثين ترجمة عربية عن بلزاك ومقدمة في المنطق المركزي وأوليات المنطق الرمزي والمادية والثورة.كما عمل بإدارة المجلات وساهم في العمل بمجلة الثقافة ومجلة الرسالة ومجلة المجلة.و شغل عدة وظائف منها خبير فكر وعلوم اجتماعية بمكتب وزير الثقافة ومدير لإدارة الترجمة لمكتب وزير الثقافة ومدير عام مركز المعلومات مكتب الوزير بوزارة الثقافة ومدير عام لشئون أكاديمية روما.
هذا فضلا عن عضويته بلجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة كما كان عضوا بإتحاد الكتاب.
وصفه الأستاذ الدكتور عصام الدين هلال بأنه مفكرا بارزا من مفكري مصر غاب عنا بجسمه ولكنه حاضر بكتبه المنشورة في هيئة الكتاب ودار المعارف ودور النشر غير الحكومية ،وأن ماتركه لنا من اعمال ستجعله عنصرا فاعلا في ميدان الثقافة العربية لأجيال قادمة حيث شارك “الديدي” في مسيرة التنوير الفكري التي بدأت مع بدايات هذا القرن ،متواصلا في ذلك مع ابرز مفكري التنوير بدءا برفاعة الطهطاوي ،وعلي مبارك،واحمد لطفي السيد،وطه حسين والعقاد”،و أن كتابه “ينابيع الفكر المصري المعاصر “قد أبرز الخيط الواصل في نسيج هذا الفكر لينبهنا الي موقعه من هذا النسيج ،كما ينبهنا إلي مسيرة هذا الفكر التنويري الذي لابد وان يستمر.كما أوضح د.هلال أن “الديدي” قد عرض في هذا الكتاب لكل من رفاعة الطهطاوي وجمال الدين الأفغاني ومحمد لطفي جمعةوأحمد فؤاد الأهواني وعبد الرحمن زكي وزكي نجيب محمود وغيرهم ممن وصفهم بينابيع الفكر المصري المعاصرلما يمثلونه من تجربة فكرية مصرية معاصرة فريدة من نوعها.”
كما أشار ا.د.عصام الدين هلال أن من الكتب التي يري فيها الأبعاد الاجتماعية لهذا النمط من الفكر ،كتاب “الديدي” “في “الفلسفة الاجتماعية عند العقاد”،فهو في هذا الكتاب يشير بلغتنا المعاصرة الي السيناريو الثقافي الذي مارسته مصرخلال حقبة من الزمن تعتبر من أثري فترات خصوبتها الفكرية حيث جري التفاعل بين الفكر و الواقع الاجتماعي منذ بداية قيام اول مشروع حضاري مصري في القرن التاسع عشر مرورا بالمشروعات الحضارية المتعاقبةعبر الحقبة الليبرالية وصولا الي المشروع الحضاري الذي نجتهد في بنائه اليوم.
كما أوضح ا.د.عصام الدين هلال أن “الديدي” في هذا الكتاب كشف عن البصمة التي تركتها الثقافة العربية في مسيرة الفكر العالمي وهو في ذلك لا ينطلق من منطق عنصري دوجماطيقي يمارسه الكثيرون الآن ،ولكنه نقل إلي ساحة الفكر العربي مجموعة مهمة من الكتب والنظريات والفلسفات التي ماج بها عصره ،فترجم”المادية والثورة”ل”جان بول سارتر” ذلك الكتاب الذي عبر عن المد الثوري العالمي ،وفي الوقت نفسه ترجم امرأة في الثلاثين ل”بلزاك”وهي رواية تعكس رقة الحس الانساني ورهافته الجميلة ،ومن ناحية ثالثة ترجم مجموعة من الكتب في المنطق الرمزي الذي عبر عن جمال الانتظام في العمليلت العقلية عند الانسان ،وكيف تتطور الي الترميز الذي يلخص الحياة الانسانية والتجربة البشرية عبر مسيرة حياتنا .كما أكد د.هلال علي أن “الديدي” قد شارك في المسيرة التنويرية منذ الأربعينات بالمقال والخاطرة والبحث العلمي الجاد والرواية والنقد والندوات الثقافية.” كما أن الأستاذ الدكتور محمد عبد العظيم سعود علوم عين شمس وأحد تلامذة العقاد قد وصف “الديدي”،رحمه الله عليه بأنه يمتلك عقل مفكر وقلب طفل ،كانت أحاسيسه ومشاعره بسيطة ،نبيلة،لا يعرف كيدا ولا مينا ولا خداعا ،بل هي نفس صافية رقراقة نفس شابة ،”لاتشيب بشيبه ” كما وصفه بأنه صاحب نفس طيبة ،حسنة النية،سليمة الطوية وكان يستدل علي ذلك بأن “الديدي”كان يري أنه ليس هناك سبب للخصومة بين مدرسة العقاد ومدرسة الشعر الجديد “.كما وصف الاستاذ الدكتور محمد ابراهيم الفيومي بأنه “عالم أديب مفكر” ملأ الساحة الثقافية من فيض فكره الفلسفي فكتب في المنطق الحديث والمنطق الرمزي ،والنفسانية المنطقية وفلسفة الجمال وينابيع الفكر المصري المعاصر وترجم كثيرا ودرس بالسوربون وله العديد والعديد من المقالات الفكرية .
وهكذا كتب كثيرون عن “الديدي” وأعدت رسالة ماجستير في فكر “الديدي” بعنوان:”فلسفة التربية عند عبدالفتاح الديدي” للباحث “علي محمد يوسف الشيشي” حيث أوضحت الدراسة أن عبد الفتاح الديدي رغم أنه فيلسوف ومفكر إلا أنه رجل تربية حتي وان لم يكتب مباشرة في التربية.

توفي “الديدي” بعد حياة علمية وعملية ثرية في الرابع والعشرين من رمضان 1419هجريا الموافق 12يناير 1999 عن عمر يناهز الثانية والسبعين بعد صراع مع المرض الخبيث ومن قبله تعرض لحادث سيارة أليم أثناء عبوره الطريق عند منزله في مصر الجديدة فقد علي أثره البصر إلا أنه لم يبخل بعطاؤه العلمي والأدبي كما لم يفقد ابتسامته ابدا حيث كان محبا لأسرته ولأهله وتلامذته وزملاءه وهو بحق ينطبق عليه مصطلح “شهيد المعرفة” الذي صكه “الديدي” نفسه في حديثه عن اساتذته العظام والذي بحق ينطبق عليه.

شاهد أيضاً

الأديب فوزي عبد المنعم ورحلته في علم العروض

بقلم/أسماء أبو بكر تتوهج محافظة السويس الباسلة بكوكبة لامعة من الشعراء والأدباء على مدى تاريخها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

5 − ثلاثة =