ميراث

بقلم الشاعر /محمد القليني

مِيراث

أبي وأُمّي وَقّعا وَرَقةَ طلاقِهما
قالتْ لي أُمّي: الطلاقُ ليس سيِّئًا كما تظُنُّ
وقال لي أبي: أصدقاؤك لديهم بَيتٌ واحدٌ
وسيكونُ لك بيتانِ يا محظوظُ.

ظلَّتْ غُرفتي في بيتِ أمّي كما هي
وجهّزَ لي أبي غُرفةً في بَيتِهِ الجديدِ.

بمِنشارٍ قديمٍ
قَسَما جسَدي إلي نِصفَينِ.
تركْتُ نِصفي الأيسرَ عِندَ أُمّي
حَيثُ العينُ اليُسرَي
والذِّراعُ اليُسرَي
والقدَمُ اليُسرَي.
وذهَبْتُ بعَينِي اليُمنَي
وذِراعي اليُمنَي
وقدَمي اليُمنَي
معَ أبي.

لكنَّ أبي كان يصْفَعُني
لو حدَّثتُهُ عن اشتِياقي
إلي نِصْفِي الآخَر.
وأُمّي كانَتْ تَحْبِسُ نِصْفِي
داخِلَ غُرفةٍ مُغْلقةٍ
كي لا يجتَمِعَ بالنِّصْفِ الذي يَمْلِكُهُ أبي.

أمّا مُدَرِّسُ الألعابِ
فَقَدْ رَفَضَ انضِمامي إلي فَريقِ كُرةِ القَدَمِ
بِدَعْوَي أنَّهم يَحْتاجونَ إلي لاعِبٍ بقدمين
يُراوِغُ المُنافِسينَ بقَدَمٍ
ويُمَرِّرُ الكُرَةَ بالقَدَمِ الأُخْرَي.

وتَرَكَتْني فَتاتي
لأنَّ حِضْني لا يكُونُ دافِئًا
بذِراعٍ واحِدةٍ.

ظلتْ عَينِي اليُمنَي تبتَسِمُ لأبي
وعَينِي اليُسرَي تبتَسِمُ لأُمّي
لم أسْتَطِعْ أنْ أقولَ لهُما:
لديَّ بَيتانِ
وغُرفَتانِ
وسَريرانِ
لكِنَّ رُوحي تنامُ في الشارعِ

شاهد أيضاً

“مايحيرني دائما “قصيدة للشاعر أحمد عايد .

ما_يحيِّرني_دائما ما يُخوِّفني حين اُلقي السَّلام عليكِ وأرحلُ: أنَّ الوحيد يخافُ الوجعْ ما يُطمئنني كلما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أربعة عشر − 2 =