بقلم..انور فتح الباب
بدأت منذ ثلاث سنوات كتاب عن تاريخ السويس منذ الفراعنة عندما كان اسمها ” سيكون” وجمعت مادة وفيرة شملت المراحل التاريخية التاليه البطلمية والرومانية والاسلامية وعصر المماليك والعثمانيين ووصلت لعصر الاحتلال ثم قررت التوقف عن الكتابة لاني فوجئت انني اعيد انتاج التاريخ السردي التقليدي الذي يرصد السياسة وتحولاتها واحيانا الاقتصاد ويسمي الحقب باسماء الملوك والحكام. هذه المدينة العريقة التي وصفها الرحالة الفرنسي ” بارتيملي سانت هيلار ” بانها مدينة تقاوم الفناء. استعصي فيها تاريخ البشر..
انت في تاريخ السويس تجد مادة عزيرة عن شقاء المدينة وعراقتها وصعوبة الحياة فيها ولا تجد البشر الذين صنعوا الحياة وقاوموا الظروف لتبقي السويس… راح البشر في حفر القناة وماتوا جوعا وعطشا في مد خطوط السكك الحديديه والعمل في المحاجر وفي الشقاء في مراودة الارض الصحراويه لتحويلها لاراضي زراعيه في منطقة ” الجناين ” ثم اتت حرب 1967 لتدمر كل هذا الجهد الانساني والبشري في صنع الحياة لتجد مدينة قد فقدت تاريخها المعماري وانجازها البشري لتعيد انتاج حياة اخري بعد 1973 ولتصنع مدينة تحمل بلاهة المدن اللقيطة التي ليس لها طابع مميز وتذهب البيوت ” البغدادلي” المميزه لتبقي ابراج اسمنتية صلده حوت بين جدرانها بشرا اكثر صلافه وجمودا. ولتذهب محاولة كتابة تاريخ بشري وانساني.