بقلم الكاتب الصحفي / محمد عبد اللطيف حممدان
===============
مرت علي السويس شخصيات ورموز أدبيه كثيرة بعضهم استوقفتني سيرته .. من بين هؤلاء الرموز المضيئة الشاعر محمد فضل إسماعيل احد الرموز الأدبية التي دخلت صفحات تاريخ الشعر الرصين وابرز من تركوا بصماتهم الواضحة في هذا المجال .
وقد يتساءل البعض لماذا الشاعر بالذات ؟
إجابتي أوجزها في السطور التي بين يديكم كونه شاعر مثقف ترك في تكويني بصمه عميقة وشدني شخصيا بمواقفه الوطنية .
ولد الشاعر محمد فضل إسماعيل ببلدة ( فأقوس ) محافظه الشرقية في الرابع والعشرين من شهر نوفمبر عام 1898 وما إن بلغ الرابعة من عمرة حتي التحق بكتاب بلدته من اجل حفظ القرآن الكريم .
انتقل مع أسرته الي السويس عام 1905 بعد انتقال والدة من اجل العمل بديوان عام ألمحافظه .. قضي الفتي الصغير السنوات الأولي من عمرة في السويس متنقلا بين مدارسها الأزهرية حيث درس العلوم الأساسية حتي التحق عام 1915 بالمدرسة الحربية المصرية بالسودان وكان طالبا متفوقا وموضع اهتمام من كل زملائه من المصريين والسودانيين خاصة وانة كان شاعرهم الصدوق الأمر الذي اثأر حفيظة قومندان المدرسة الانجليزي الكولونيل ( كروفت ) الذي قرر فصله بعد عامين بسبب نظمه احد القصائد في وكيل المدرسة في تلك الفترة ويدعي مسيو ( أندراوس مدور ) .
عاد الفتي إلي ارض الوطن مفصولا من المدرسة العسكرية الانجليزية فوجد ضالته في مدرسه المعلمين العامة وفيها تخرج مدرسا ولكن بدون عمل يتكسب منه فامتهن الصحافة عملا بديلا وكان أول مراسل صحفي بالسويس لمجلة ( المقطم ) .. وماهي إلا سنوات قليله حتي استقال من ( المقطم ) ونجح مع عدد من اصدقائة في إصدار جريدة خاصة اسماها ( الثغر الشرقي ) وكان مقرها بدروم منزل المرحوم أمين جليدان بشارع ألمحافظه القديم .
صدر العدد الأول من الجريدة مع موعد نفي الزعيم سعد زغلول وفي صدر الجريدة كتب مقالا شديد اللهجة ضد جرائم المستعمر البريطاني الجاثم علي صدر مصر .. وما خرجت الجريد إلي النور حتي صودرت وأغلق مقرها واعتقاله .
عقب خروجة من المعتقل عاد إلي مهنه التدريس بالمدارس الابتدائية الخاصة التي قضي فيها الشطر الأكبر من حياته العملية .
وفي عام 1945 تم تعينة في وزارة المعارف مفتشًا لمادة الأناشيد والموسيقي وظل في هذا المنصب حتي قبل بلوغه سن التقاعد وفي عام 1950 علم الدكتور طه حسين وزير المعارف في تلك الفترة بالغبن البين الذي وقع علية من المسئولين في وزارة المعارف حتي اصدر قرارا بترقيته استثنائيا بأثر رجعي من اجل رفع قيمة معاشه .
نشرت العديد من إعماله الشعرية في كبريات الصحف والمجلات الادبيه المصرية مثل الأهرام والمحروسة ومصر ووادي النيل والبلاغ الأسبوعي وكوكب الشرق والأهالي ويمكن الرجوع الي إعماله المطبوعة التي نشرها احد اصدقائة عام 1958 والتي كانت موجودة إلي وقت قريب بمكتبة محافظه السويس العامة ومن بين تلك الإعمال المسرحية الخالدة ( مصر الحرة بنت الثورة ) وهي من أفضل الإعمال التي تتفق مع كافه الاتجاهات الشعرية الراقية التي تتجلي فيها مدى تفانيه في حب السويس .
حمل رحمة الله علية هموم النكسة مثل كل أهل السويس وصورها شعريا في قصيده بعنوان ( لا للــــــهــزيــــمـــــة ) طالب فيها المصريين ضرورة الاستعداد للمعركة القادمة والثأر من إسرائيل فقال :
بلسانك يا وطن لا تتـــكلم
بل بالمدافع للأمام تــــــقدم
لخط النار مهد الــطريــــقا
ولا تهاب في النار الحريقا
نيران العدى لـــــيست بشي
إذا الإيمان مــــعك رفيــــــقا
افدي إلا قصي بـــروحــــــك
وبالدم افدي البــــيت العتيقا
رحم الله الشاعر المظلوم الذي عثر عليه صباح يوم الاثنين الموافق 6 اكتوبر عام 1969 مستلقيا وسط أوراقه الكثيرة ومسودات قصائده التي لم ترى النور حيث كان يقيم أخر أيامه بفندق درجة ثالثة بمحافظة الاسكندريه بسمي ( ســــوريا ولبـــــنان )
تحيه الي الشاعر الطيب الذي رحل عن عالمنا وحيدا وهو في السبعين من عمرة وأتمنى إن تظفر السويس بشاعر مثله أو في حجمه أو حتي في غزارة إنتاجه الطلي المتجدد .
الحديث عن حياته الشاعر المثقف المطلع محمد فضل إسماعيل ذو شجون حديث يحتاج منا الي مئات الصفحات .